بسم الله الرحمن الرحيم.. الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والهم إلى أوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
أيها الإخوة الكرام مع اسم جديد من أسماء الله الحسنى، والاسم اليوم المالك.
اسم الله المالك ورد في القرآن الكريم مضاف، وإن كانت الإضافة تحمل معنى الإطلاق في الملكية، ولكنه ورد أيضا في السنة النبوية مطلقا..
فمن القرآن الكريم قوله تعالى: {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ} كل شيء يملك هو مالكه.
أما الملك يطلق هذا الاسم في مقابل الملكوت.. فالملك يراد به عالم الشهادة غالبا أو الحياة الدنيا بصفة عامة، والملكوت يراد به في الأعم الأغلب عالم الغيب أو عالم الآخرة، والله -عز وجل- هو مالك الملك والملكوت.
يعني مالك عالم الدنيا، وعالم الآخرة.. مالك عالم الشهادة، وعالم الغيب هو رب العالمين الذي يملك عالم الغيب، وعالم الشهادة بما فيهما.. قال تعالى: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} ملك الدنيا، والآخرة.. ملك عالم الغيب، وعالم الشهادة.
فالمالك: هو المنفرد بملكية الملك، والملكوت.. الملك في الدنيا، والملكوت في الآخرة.. الملك عالم الشهادة، والملكوت عالم الغيب، والله -سبحانه وتعالى- أفرد نفسه بملكيته بعالم الملك، وأفرد نفسه بملكيته بعالم الغيب أو عالم الملكوت فقال تعالى: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ }
مالك الدنيا، ومالك الآخر.. مالك عالم الشهادة، ومالك عالم الغيب.
الآن إذا كان الحق -سبحانه وتعالى- مالكا لعالم الغيب والشهادة، وما فيهما كما بينت الأدلة السابقة فهو المالك إذا على سبيل الإطلاق أزلا وأبدا.
وقد ثبت عند مسلم عن أبي هريرة (رضي الله عنه) أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: الآن ورد اسم المالك في الحديث الصحيح مطلقا" قال عليه الصلاة والسلام "إن أخنع اسم عند الله " يعني إن أذل اسم، وأوضع اسم عند الله "رجل سمى نفسه ملك الأملاك ولا مالك إلا الله" المالك هو الله -عز وجل- مالك عالم الغيب والشهادة مالك الملك والملكوت.
أيها الإخوة المالك في اللغة (اسم فاعل) الفعل (ملك يملك فهو مالك) والله -عز وجل- مالك الأشياء كلها، ومصرفها.. مالكها، ومصرفها.. يعني نحن في عالمنا في عالم الإنسان قد تملك بيتا، ولا تنتفع منه، في بعض البلاد في نظام إيجار ظالم فالمستأجر هو المالك.. أما الذي له ملك الرقبة لا ينتفع به، فقد تملك بيتا، ولا تنتفع به، وقد تنتفع ببيتا ولا تملكه, وقد تنتفع بالبيت وتملكه، ولكن مصيره ليس إليك.. صدر قرار تنظيم قرار استملاك.. ذهب البيت.. لكن ملكية الله -جل جلاله- ملكية مطلقة.. مالك الملك.. مالك كل شيء خلقا، وتصرفا، ومصيرا. أيام دولة تصنع طائرة هي صنعتها.. لكنها إذا باعتها لدولة أخرى الآن لا تملك التصرف بها.. الدولة التي اشترت هذه الطائرة هي التي تملكها.. فقد تملكها لتقذف وتدمر، والدولة صانعة، يعني مبدءا لا علاقة لها بهذا القذف.. صنعتها، وباعتها.. لكن الله -سبحانه وتعالى- مالك كل شيء، وله الأمر، وهو على كل شيء قدير.
ملكية الله -جل جلاله- لعالم الغيب، وعالم الشهادة بالدنيا، والآخرة ملكية مطلقة. إذا مالك الأشياء كلها، ومصرفها على إرادتها لا يمتنع عليه منها شيء.. يعني آلاف الأشياء قد نملكها ملكا ظاهرا، ولا نملك التصرف فيها.
لأن مالك الشيء في كلام العرب هو المتصرف، والقادر عليه.
وقد قرأ نافع وحمزة، {مالك يوم الدين} بغير ألف ، وقرأ عاصم والكسائي {مالك} بألف، وكلا القراءتين صحيحة.
وقد رويت القراءتان عن النبي -صلى الله عليه وسلم- يعني بعض الأئمة في الركعة الأولى يقول: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ } في الركعة الثانية يقول: {ملك يوم الدين}.
والله -عز وجل- مالك الملك ملكه عن أصالة، واستحقاق؛ لأنه الخالق.. يعني معمل صنع هذه الآلة مبدئيا هي ملكه؛ لأنه صنعها؛ لأنه الخالق الحي القيوم الوارث علة استحقاق الملك أمران:
الأول: صناعة الشيء، وإنشاءه، واختراعه.. فالعاقل يعلم عقلا أن المخترع له براءة اختراع، والمؤلف له حق الطبع والنشر.
روى البخاري عن عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) أنه قال: من أحيا أرضا ميتا فهي له.
والله ما من تشريع حضاري.. ما من تشريع يقلب الأرض جنة كهذا التشريع.. من أحيا أرضا ميتة فهي له، يعني أرض جدباء حفر فيها بئرا، واستخرج ماءا، وشجرها، وزرعها، وصورها.. لو طبقنا هذا التشريع النبوي بشكل واسع لانقلبت بلادنا جنات ، في بعض البلاد يعطوه قرض المشروع الأخضر يعطوه قرض لكل إنسان اختار أرضا جرداء، وصورها، واستخرج منها الماء، وشرجها، وجعلها جنة خضراء.
من أحيا أرضا ميتة فهي له.
ويروى ذلك أيضا عن عمرو بن عوف عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وإذا كان ملوك الدنيا لا يمكن لأحدهم أن يؤسس ملكه بجهده منفردا.. فلابد له من ظهير أو معين سواء في أهله، وقرابته أو في حزبه أو جماعته أو قبيلته أو عشيرته.. فإن الله -سبحانه وتعالى- هو المتفرد بالملكية حقيقة فلا أحد ساعده في إنشاء الخلق أو عاونه على استقرار الملك أو يمسك معه السماء أن تقع على الأرض..
قال -سبحانه وتعالى- {أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ} له الخلق، والأمر { تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ }، وقال أيضا: {مَا أَشْهَدتُّهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنفُسِهِمْ وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً } يعني نظريات فيها توهم في تاريخ البشرية بمئات آلاف السنين.. يقول لك: الإنسان الحجري يستخدم الأحجار.. الإنسان المتوحش مع أن الله -سبحانه وتعالى- بدأ الخلق بنبي كريم.. يقول -عليه الصلاة والسلام- "آدم ومن دونه.. آدم ومن دونه، تحت لواءي يوم القيامة ولا فخر".
بدأ البشرية بنبي كريم، وأنهاها بسيد الأنبياء والمرسلين.. أما في الموسوعات العلمية في عندك إنسان متوحش، وإنسان حجري يستخدم الأحجار كأدوات.. هذا من تخيلاته، يعني مثلا لو إن إنسان اشترى محل تجاري اشتراه بمبلغ معين جالس يتكلم مع أصدقاءه بعد خمسين عاما.. قال: اشتريت هذا المحل بالمبلغ الفلاني.. فقال له ابن ولدان بالستينات المبلغ ليس كذلك، قال له: هل كنت معي أنت، حينما اشتريت هذا المحل قبل أن تولد عشرين عام، هل كنت معي؟
فكرة لطيفة كلاهما، وربنا بين لنا في كتابه في وحي السماء أن البشر بدأهم بآدم، ونحن جميع الموسوعات العلمية عندئذ يتمزقون بين كلام مدرس التربية الإسلامية، وبين كلام مدرس العلوم الطبيعية، الطفل أيام يتمزق حينما يرى تفسيرات متناقضة.
أيها الإخوة الآية تقول: {مَا أَشْهَدتُّهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنفُسِهِمْ وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً }.
الحمد الله رب العاملين